مرصد شباب الشرق الأوسط وشمال أفريقيا - التقرير السنوي لعام 2021

حالة الشباب في المنطقة

خلال منتصف شهر 3 / 2021، أطلق منظمة مينا أكشن مرصد شباب الشرق الأوسط وشمال إفريقيا. هذا المرصد، والذي هو مستمر في العمل منذ 47 أسبوعا على التوالي، يقدم مراجعة اسبوعية لكافة الأخبار والمستجدات المتعلقة بالقطاع الشبابي من داخل منطقة الشرق الأوسط وشمال افريقيا ضمن سبعة قطاعات، هي (أ) السياسة والاندماج السياسي، (ب) الاقتصاد وريادة الأعمال، (جـ) النزاعات، (د) التنمية، (هـ) التعليم، (و) البيئة، (ز) فايروس كورونا المستجد. في تحليل كل من هذه القطاعات السبعة، يقدم هذا التقرير تحليلاً معمقاً لوضع القطاع الشبابي في المنطقة خلال المنتصف الثاني من العام 2021، مع التركيز على التحديدات والفرص بجانب بعض التوصيات على المدى الطويل للمنظمات الحكومية وغير الحكومية للوقوف على التحديات واستغلال الفرص.


السياسة والاندماج السياسي

خلال فترة التقرير، انخرط كافة سكان منطقة الشرق الأوسط وشمال افريقيا في العديد من الحراكات والتظاهرات السياسية، حيث أن الظروف الاقتصادية السياسية لا زالت تتدهور في المنطقة. تفاوتت التظاهرات في المنطقة في أسبابها، لتشمل (1) التنديد باستخدام القوة من قبل القوات الأمنية، (2) التعتيم الرقمي الممارس ضد القضية الفليسطينية، (3) تدهور الظروف الاقتصادية، (4) تزايد القمع السياسي، وبشكل أكثر أهمية (5) ضعف الحكومات الفعالة والمأسسة. 

هذه الاعتصامات، رغم اختلافها في الأسباب، إلا أنها ترتبط بالقضية الأساس المتثملة بضعف الاستجابة الحكومية لمطالب واحتياجات الشعب. وبشكل موازٍ، تمثل هذه الاعصامات استثماراً سياسياً من قبل الفئات الشابة لخلق تغيير بناء داخل حكومات غير فعالة – في كثير من الأحوال. في دول مثل العراق وليبيا ولبنان، حيث الفساد الحكومي متفشي، تظاهر الشباب مطالبين بعزل الساسة الفاسدين. فيما اعتصم الشباب في السودان وفلسطين ضد قواتهم الأمنية التي لا تزال تواجه الحراكات المدنية بالعنف الممارس ضد الشعوب. 

وبهدف الوقوف على المخاوف الاقليمية واظهار قدرتهم على لعب دور محوري في عمليات صناعة القرار في دولهم، قاد الشباب في الشرق الأوسط العديد من الجهود تهدف مناقشة هذه المحاذير أو المخاوف المحلية. قام الشباب التونسي، مثالا، بتطوير منصة تواصل اجتماعي تمكن المواطنين من مناقشة مخاوفهم حول العديد من الأمور، بما في ذلك ارتفاع نسب البطالة بين الشباب، وذلك من خلال تقديم منصة تمكن الشعب من التواصل مع صانع القرار.

وبالإضافة إلى ذلك، تناقش الناشطون الشباب في تونس ولبنان و مصر مع الحكومات المحلية بهدف بناء مساحة مفتوحة للانخراط الشبابي في السياسية. أما في المغرب والعراق، فقد عقدت كلاهما انتخابات خلال العام 2021. حيث أن الانتخابات العراقية، والتي عقدت بشكل مبكر (قبل سنتين من الموعد الدستوري) رداً على الاحتجاجات المناهضة للحكومة والتي بدأت خلال شهر تشرين 2019، إلا أنها قد سجلت أدنى نسب اقتراع في تاريخ العراق، بلغت (41 %) من أًوات الناخبين المشاركين، وذلك وفقاً للهيئة العليا للانتخابات العراقية. 

جاءت النتائج، والتي أعلنت متأخرة بأكثر من شهر بعد نداءات باعادة فرز الأصوات واحتاجات كبيرة من الأحزاب الخاسرة، فقد أظهرت بأن كتلة مقتصى الصدر فاز بأغلبية المقاعد – 73 مقعد من أصل 329 مقعداً في البرلمان القادم – تبعها تحالف (تقدم) بـ33 مقعداً، ثم الحزب الديمقراطي الكردستاني بـ 31مقعد، و تحالف دولة القانون بـ33 مقعد، والاتحاد الوطني الكردستاني بـ18 مقعد، وفي النهاية جاء تحالف الفتح بـ17 مقعد. وأسفرت الانتخابات العراقية عن أصداء واسعة من جهة المليشيات العراقية المدعومة من إيران (المليشيات الولائية)، حيث أن رئيس الوزراء العراقي (مصطفى الكاظمي) كان قد نجا من محاولة اغتيال بناريخ (7 تشرين الثاني / نوفمبر 2021)، بواسطة عبوات متفجرة استهدفت منزله في بغداد. 

أما في المغرب، بدأت الحكومة في وضع اللمسات الأخيرة على نتائج الانتخابات، فقد تم انتخاب العديد من الوجوه الشابة، التي تحتاج التدريب والمعرفة لكي تلائم وبفعالية احتياجات الحكومة وناخبيها. فخلال شهر تشرين الأول / أكبتوبر 2021، بدأت الحكومة الجديدة بمناقشة جزء من أولوياتها، من بينها الدفع بعمالة الشباب وتطوير قطاعي الصحة والتعليم. وفي حين لم تقم الحكومة باختيار عدد كبير من الشباب ضمن مجلسها، إلا أن العديد منهم هم مرشحون للمرة الأولى ويحتاجون للتديب لتلبية مطالب المواطنين.

الاقتصاد وريادة الأعمال

لا تزال الحكومات في الشرق الأوسط تحاول معالجة التدهور الاقتصادي الذي تسببت به جائحة كورونا. حيث قدمت الحكومات العديد من الوعود لتوسيع سوق العمل – مع التركيز على توظيف الشباب في المنطقة – إلا أن نسب البطالة لا تزال مستمرة في الارتفاع طيلة الفترة الزمنية للتقرير، مما أدى إلى ركود التدهور الاقتصادي وتردي الأوضاع المعيشية في الاقليم. حيث أن الظروف الاقتصادية في لبنان بشكل خاص، قد تدهورت بشكل دراماتيكي، مما دفع الشباب اللبناني لمغادرة البلاد.

ومن الجدير بالذكر، خلال العام 2021، ذكر 70% من الشباب المغربي و 45% من الشباب الأردني أنهم يفكرون بشكل جديد بالهجرة إلى الخارج، الأمر الذي يرتبط بشكل واضح مع نسب البطالة المرتفعة في البلدين. 

تم إطلاق العديد من المبادرات المحلية خلال العام 2021، التي تهدف لمناقشة المخاوف الاقتصادية في كل دولة، من بينها: برامج تطوير الشباب في مغرب وتونس ومصر والاردن، والتي تهدف إلى حل مشاكل البطالة بين الشباب، إضافة إلى البدء بالعديد من الدورات التدريبية لتطوير برامج الريادة الشبابية، ومؤسسات برامج المنح لتوفير فرص لدعم قطاع عمل الشباب في المنطقة، وكذلك إطلاق سلسلة حوارات شبابية لزيادة نسب عمل الشباب في مختلف القطاعات. بعض هذه البرامج تم إطلاقها للتركيز على الفئات الأكثر ضعفاً مثل النساء والأشخاص ذوي الاعاقة.

النزاعات

أدى انسحاب القوات الأمريكية من افغانستان خلال 2021 إلى تأجيج الوضع الأمني في الدولة، حيث أن هذا الأمر مكن حركة طالبان من توسيع سيطرتها على كافة الدولة. وواجه الانسحاب الأميركي العديد من التداعيات السلبية، من بينها قمع حقوق المرأة، وبناء الديموقراطية، وانهيار التعليم، وحرية التعبير، والاستقلال الاقتصادي والاجتماعي. 

ولا تزال الحرب اليمنية مستمرة بين القوات الحوثية و قوات التحالف التي تقدوها السعودية للعام السابع حتى الآن، دون أن يكون هناك أي بصيص أمل لانهاء الحرب في الأفق القريب، حيث أن القتال لا يزال محتدماً وهناك تزايد في أعداد الضحايا بين صفوف الحوثيين و الشعب اليمني بشكل عام. حيث على الأقل، هناك 10 آلاف طفل قد قتلوا أو تشوهوا منذ بدايات الأزمة في عام 2014، والآلاف الآخرين قد تم تجنيدهم للانضمام للقتال.

وحوالي 2 مليون طفل مهجرين في الداخل اليمني. كما أن ظاهرة انخراط الشباب في الصراع ووقوعهم ضحايا للحرب ستستمر في التزايد خلال العام 2022 حيث أن كلا طرفي الصراع – الحوثيين و التحالف بقيادة السعودية – غير مستعدين للتنازل عن أي شبر من الأراضي. إلا أن الغارات التي تقودها السعودية ستستمر في تسبيب الدمار وخسائر الأرواح بين صفوف الشباب اليمني. 

إن الآثار التي خلفتها الأزمة السورية على الإناث تشمل الزيادة في أعداد حالات زواج الأطفال (زواج القاصرين) كنتيجة للافتقار للتعليم ووفرص العمل. بالمقابل، فقد أنهت ليبيا العام 2021 بوتيرة أكثر ثباتاً، وتمضي ضمن العام 2022 بخطى إيجابية. بعد حوالي 10 أعوام من التشتت و الحرب الأهلية، تم الوصول لاتفاق وقف إطلاق النار بين حكومة الوفاق الوطني و الجيش الوطني الليبي للقيادة العامة للقوات المسلحة بتاريخ 23 تشرين أول / أكتوبر 2020. حيث أدى ذلك الاتفاق عن تأسيس حكومة الوحدة الوطنية الليبية خلال شهر آذار / مارس 2021 والذي أسفر عن هيكل حكومي مؤقت، يحقق توازناً دقيقاً بين موازين القوى الاقليمية و المحاصصة لكافة أطياف الشعب. 

أحد أبرز الصراعات خلال العام 2021 كان هو تصاعد أعمال العنف بين الأطراف الفلسطينية واسرائيل، حيث أسفرت عن الحرب في غزة إضافة إلى أسابيع من أعمال العنف في الضفة الغربية والقدس، والتي بدأت خلال شهر أيار / مايو 2021. كانت هذه أكثر حالات العنف بين الجبهات الفلسطينية الاسرائيلية سفكاً للدماء منذ العام 2014. حيث تهجر حوالي 113 ألف فلسطيني من منازلهم المهدمة خلال فترة أوج الصراع، إضافة إلى تردي الظروف المعيشية و البنية التحتية المتهالكة أساساً.

التنمية

خلال العام 2021، أجرى قادة دول المنطقة والقطاعات الشبابية جهوداً واضحة لمناقشة التنمية في قطاعات الصحة، والاستدامة، والتدريب، وبناء الامكانات، والابتكار، والتكنولوجية، والحفاظ على الثقافة. فقد قاد الشباب الجهود الساعية لخلق تغيير مؤسسي من خلال المنظور الجندري عبر نشر دليل حول معاناة المرأة في المحاربة للحصول على المساواة ولمنع العنف ضد المرأة في كافة القطاعات. وقام أيضاً العديد من لاعبي الأدوار المؤثرين من بنك الانماء الافريقي، وألمانيا، والامارات العربية باطلاق مبادرات تمويل تهدف للوقوف على الاستقرار الاجتماعي وفرص للشباب في المنطقة. كما لعبت فرص التدريب دوراً محورياً في تشكيل مشاركة الشباب خلال العام 2021. 

وعلى مدار النصف الثاني من العام 2021، كان هناك حوالي 71 نشاطاً مرصوداً يقدم تدريبات وفرص بناء الامكانات للشباب في منطقة الشرق الأوسط، العديد منها كان يهدف إلى تطوير مهارات الشباب الوظيفية والريادة، من خلال حملات على منصات التواصل الاجتماعي والمواقع الالكترونية. فعلى سبيل المثال، أطلق الشباب المغربي حملة الكترونية تدعى (انقر واحمِ)، والتي هدفت للحد من التنمر الالكتروني و تزويد الشباب بأدوات ضرورية لمكافحة هذه الظاهرة.

التعليم

كان لتفشي وباء كورونا أثراً دراماتيكي على قطاعات التعليم في المنطقة. ومع أن الانتقال للتعلم الالكتروني كان فعالاً في أجزاء مختلفة في العالم، إلا أن الربط مع شبكات الانترنت في منطقة الشرق الأوسط لا يزال مشكلة تلوح في الأفق، وأدت إلى انخفاض في تطوير التعليم في المنطقة. 

كما أن حرية الوصول للانترنت و الأجهزة اللازمة للمشاركة في منظومة التعليم الالكتروني كانت تتحدد من خلال القدرات المالية للعائلة، الأمر الذي تم مناقشته في مقال تحت عنوان (جيل أميّ – أحدى قصص الوباء غير المحكية عن العراق). ومع حلول النصف الثاني من العام 2021، بدأت العديد من المدارس في مختلف دول المنطقة بفتح أبوابها مرحبة مرة أخرى بالتلاميذ ضمن منشآتها، ضمن قائمة من المتطلبات من بينها اثبات تلقي المطعوم. وفي هذه الأثناء، تبقى المعركة للمساواة الجندرية في التعليم الأبرز في الواجهة داخل المنطقة. كما تطرقت العديد من المبادرات التي قادها الشباب داخل الجامعات إلى مخلتف المخاوف مثل التدريب على التربية المدنية و الترويج لقضايا البيئة. كما تم تنفيذ العديد من المبادرات المبنية على الأبحاث خلال العام 2021، لمناقشة دعم الكتاب والرواة الشباب في عملية تطوير مهارات الكتابة لديهم.

البيئة

واجهت منطقة الشرق الأوسط وشمال افريقيا العديد من المخاوف البيئية التي ناقشتها المبادرات الشبابية والحكومية خلال العام. كما أن أثر التغير المناخي على المنطقة قد انعكس سلباً على سكان الأردن مثالاً، والتي تحتل المركز الثاني عالمياً في ترتيب الفقر المائي. حيث أن مستويات المياه المتدنية قد أثرت سلباً على النظافة الصحية للأطفال، وانخراط التلاميذ بالمدارس والحضور والمشاركة.

كما أن نقص الغذاء كان قد اعتبر أحد أبرز المخاوف خلال اليوم العالمي للشباب للعام 2021 اضافة إلى اعتماد دول المنطقة على استيراد المواد الغذائية يستمر في تأثيره السلبي على تطوير القطاع الزراعي.

وقاد الشباب في مختلف دول المنطقة مبادرات الكترونية للوقوف على هذه المخاوف البيئية، ومن بينها حملة (كن إيجابياً وادعم مناخك) وحملة (داعمون) و (قل لا للتغير المناخي) و حملة (الصحة المناخية). ومع وجود محاذير حول المخاوف المتعلقة بالمناخ وأثرها على الأطفال في المنطقة، بدأت الدول باطلاق مبادرات لتحديد التحديات التي قد تواجهها الأسر الأقل حظاً. ومن بين هذه المبادرات مشروع في المغرب بقيمة 250 مليون دولار أمريكي لدعم الشمول الاقتصادي للشباب في المناطق الريفية والتسويق للفعالية والاستدامة البيئية لسلاسل الغذائية الزراعية، وكذلك حوالات بقيمة 300 مليون دولار أمريكي للأسر الأقل حظاً و الأطفال في تونس.

جائحة فايروس كورونا

خلال العام 2021، استمرت الحكومات في المنطقة في تطبيق فرض القيود المتعلقة بالجائحة. وفيما لا يزال الشباب في الشرق الأوسط وشمال افريقيا مستمراً في إطلاق حملات التوعية لمنع تفشي المتحور الجديد (أوميكرون)، فإن المطاعم والفنادق والقطاعات العامة الأخرى قد أخذت خطوات لاختراق البروتوكلات المفروضة. حيث أن المطاعم في العراق قد خرقت القيود المفروضة من خلال دفع الرشاوي للمسؤولين الأمنيين. فيما واجهت سياسات التطعيم الاجباري في المغرب اعتصامات بسبب قلة الرسائل الواضحة حول البروتوكولات الحكومية.

أطلق الشباب في المنطقة العديد من حملات والمبادرات للوقوف على مخاوف المواطنين حيال شكوك المتعلقة بالمطعوم. من خلال تسليط الضوء على الآثار السلبية والجانبية لفايروس كورونا المستجد، شجعت حملات الكترونية في المغرب المواطنين على تلقي اللقاح. أما في المغرب وتونس والجزائر، فقد قام مجموعة من الشباب مبادرات لزيادة أعداد أجهزة التنفس وتزويد الاوكسجين في المستشفيات المحلية في دولهم. فيما تم إطلاق العديد من الحملات التعليمية في مصر والعراق لزيادة الوعي حول الوقاية من فايروس كورونا.

ادعموا عملنا

انضموا إلى قائمتنا البريدية
Scroll to Top