العلاقة بين الثقة السائدة والخاصة بالأداء مع الاصلاح
تقرير بحثي
تشهد منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا نسب عالية من السكان الذين يفتخرون بدولهم على مستوى عالٍ. تتمتع المنطقة أيضًا بمجموعة شبابية تتمتع بطاقة هائلة وريادة أعمال وقدرة على التحمل، والتي تم تصنيفها للأسف والخطأ على أنها "انتفاخ الشباب". لقد عملت هذه المجموعة بلا كلل لتحسين سبل عيشهم وظروف بلدانهم، سواء في شكل نشاط جماعي أو عمل فردي. في هذا التقرير، سعينا إلى استكشاف العلاقات بين القومية أو الكبرياء الوطني وميل الشباب إلى الاعتراف بوجود قضية ما وبالتالي الإصلاح أو التغيير.
المنهجية
قمنا بجمع بيانات من مصادر مفتوحة مثل مسح القيم العالمية، والباروميتر العربي، والباروميتر الأفريقي، والمركز العربي. تعكس البيانات التي تم فحصها مجموعة من الشباب من البلدان الفردية، تتراوح أعمارهم بين 18 و 30 عامًا، كجزء من عينات تمثيلية على المستوى الوطني. عند دراسة البيانات، قمنا بتحليلها على مقياس من 1 إلى 4، حيث كان 1 هو الأدنى و 4 كان الأعلى على المقياس:
1 = لا أثق على الإطلاق
2 = لا أثق إلى حد/مستوى منخفض من الثقة
3 = أثق إلى حد ما/مستوى معتدل من الثقة
4 = أثق إلى حد كبير/مستوى عالٍ جدًا من الثقة
تم تعريف الثقة أو الثقة العامة بأنها تشمل نوعين. تعمق النوع الأول في ارتباط الناس برموز الدولة كمستوى الانتماء إلى دولهم، والذي يمكن وصف هذا النوع بأنه "الثقة السائدة". ويعكس النوع الثاني ثقة الأشخاص في أداء المؤسسات العامة في تحقيق أهدافها.
وبغية إثبات الفرضيات الواردة في هذا التقرير أو تفنيدها أو تعديلها، يجب بحث متعمق يتضمن أسئلة أكثر تفصيلا وتحديدا واستعراض هذه البيانات من أجل فهم أفضل لكيفية اختلاف رغبة الشباب في الاعتراف بوجود قضايا والحاجة إلى التغيير مع مستوى فخرهم الوطني. يمكن أن يصاحب مثل هذا البحث أيضًا دراسة رصد لإشراك الشباب من جنسيات مختلفة في النقاش مع بعضهم البعض وتباين مواقفهم عندما تتميز مجموعات المناقشة بجنسيات مختلفة، والتي يمكن القول إنها يمكن أن تحفز القومية. ومع ذلك، يتطلع هذا التقرير إلى بدء مناقشة حول هذه المسألة والانخراط مع الشباب في المنطقة في نقاش حول الإصلاح.
الثقة السائدة والثقة الخاصة المتعلقة بالاداء
كشفت دراسة مستويات ثقة الشباب في المنطقة عن نتائج مثيرة للاهتمام. تم تجميع الدرجات الفردية للثقة السائدة والثقة الخاصة بالأداء وحساب معدلهم ضمن الدرجات المركبة لكل فئة. تضمنت الفئة الأولى مؤشرات مثل مستوى الاعتزاز بالوطن، والثقة في القوات المسلحة، والانتماء للوطن، والهوية الوطنية، ومدى القابلية للدفاع عن الوطن، من بين أمور أخرى. وتضمنت الفئة الثانية تقييماً لأداء الحكومات والمجالس التشريعية والقضاء ونظام الرعاية الصحية والنظام التعليمي وغيرها.
بالنظر إلى النتائج، بلغ مستوى الثقة السائدة أو مستوى الانتماء لدى الشباب الجزائري 3.19 من 4، مقارنة بـ 1.82 فقط من مستوى الثقة الخاصة بالأداء، مع اختلاف 1.37 لصالح الفئة الأولى. كان مستوى الفخر الوطني للشباب في البحرين أقل قليلاً مع 2.90، أي حوالي 0.65 أعلى من ثقتهم في المؤسسات العامة والذي بلغ 2.25. أما بالنسبة لمصر، فقد بلغ مستوى الانتماء للوطن 3.50، مقارنة بمستوى الثقة في المؤسسات العامة والذي بلغ 1.92، والذي كان أقل بـ 1.58 نقطة من الفئة الأولى. أظهر الشباب الإيراني مستويات فخر مماثلة لمصر، لكنهم أشاروا إلى نسب أعلى فيما يتعلق بالثقة في المؤسسات العامة والتي بلغت 2.4، أي أقل بنحو 1 نقطة من مستويات فخرها. بلغت مستويات الثقة السائدة لدى الشباب العراقي عند 3.38، أي ما يقرب من ضعف ثقتهم في المؤسسات العامة البالغ 1.66. وكانت الثقة السائدة الشباب الأردني ثاني أعلى مستوى في المنطقة حيث بلغت 3.75، مقارنة بمستوى ثقة بلغ 2.08 نقطة في المؤسسات العامة.
أما بالنسبة للشباب الكويتي، فقد بلغت ثقتهم السائدة 3.28 نقطة مقارنة بثقتهم الخاصة بالاداء البالغة 2.18. أما بالنسبة للشباب اللبناني، فكان معدل الثقة السائدة لديهم أعلى بقليل من الكويت بـ 3.35، لكنه كان أقل من حيث الثقة الخاصة بالاداء والتي بلغت 1.88، بفارق 1.47 بين الفئتين.
سجل الشباب الليبي والموريتاني مستويات ثقة سائدة متشابهة للغاية بلغت 3.24 و 3.29 على التوالي، مقارنة بمستويات الثقة الخاصة بالأداء والتي بلغت 1.72 و 1.96 على التوالي، حيث قيم الشباب الموريتاني أداء بعض المؤسسات بشكل معتدل، خاصة فيما يتعلق بالخدمة المدنية. تباهى الشباب المغربي والموريتاني بمستويات متطابقة من الثقة السائدة مع 3.32، لكن ثقة الشباب العماني في أداء المؤسسات العامة كان أعلى من الشباب المغربي بـ 2.67 مقارنة بـ 1.69 نقطة، ويرجع ذلك في الغالب إلى رضا الشباب العماني عن خدمات الرعاية الصحية. وكان من الصعب العثور على بيانات للشباب الفلسطيني، نظرًا لظروفهم، ولكن أشارت البيانات التي وجدناها إلى معدل ثقة سائدة بلغ 2.92 نقطة، كثاني أدنى مستوى في المنطقة، بينما ظهرت ثقتهم الخاصة بالأداء في منتصف المقياس بالضبط مع 2. وأشار الشباب القطري إلى أعلى مستويات الثقة في كلتا الفئتين مع 3.87 ثقة سائدة و 3.55 للفئة الثانية، بسبب رضاهم الكبير عن الخدمة المدنية والقضاء وحتى الحكومة.
وكانت مستويات الثقة لدى الشباب السعودي مماثلة لتلك الموجودة في قطر، حيث بلغ مستوى الثقة السائدة لديهم 3.69 نقطة، مقارنة بـ 3.03 ثقة خاصة بالأداء. وتجدر الإشارة أيضًا إلى أن هذا العدد ربما كان أعلى لولا مستوى الثقة المنخفضة نسبيا في النقابات العمالية. وبلغ مستوى ثقة الشباب السوداني السائدة 3.06 نقطة، مقارنة بمستويات الثقة الخاصة بالاداء التي بلغت 2.01 نقطة، حيث تم تقييم حكومتها وانتخاباتها وأحزابها السياسية وبرلمانها تحت نقطتين من أصل أربع نقاط. على غرار فلسطين، كان من الصعب إلى حد ما جمع البيانات الخاصة بسوريا، لذلك اعتمدنا على بيانات أقدم قليلاً. ومع ذلك، أشار الشباب السوري إلى مستوى ثقة سائدة بلغ 2.88 نقطة، مقابل 1.55 ثقة خاصة بالأداء، وهو أدنى مستوى بين البلدان التي خضعت للدراسة، مع مستوى ثقة منخفض جدا بلغ 0.93 في الخدمات المدنية.
وكان معدل الانتماء الوطني أو الثقة السائدة لدى الشباب التونسي مرتفعا وذلك بمعدل 3.46 نقطة، أي أعلى بنحو 1.75 نقطة من ثقتهم الخاصة بالاداء، والتي بلغت 1.75 من أصل أربع نقاط. وكانت معدلات الانتماء أو الثقة السائدة لدى الشباب التركي 3.23 نقطة مقارنة بمستوى ثقة بلغ 2.55 نقطة في مؤسساتهم العامة، وإن كانت معدلات الثقة في القضاء عالية نسبيا. وبلغ معدل الثقة السائدة لدى الشباب الإماراتي 3.64 في المرتبة الرابعة، بعد قطر والأردن والسعودية، وكانت ثقتهم الخاصة بالأداء ثاني أعلى مستوى برصيد 3.35، في المرتبة الثانية بعد قطر 3.55. أخيرًا، أظهر الشباب اليمني مستويات عالية من الثقة السائدة حيث بلغ 3.46، على غرار السعودية، مقارنة بمستوى ثقة خاصة في أداء المؤسسات العامة والذي بلغ 2.24 من أصل أربع نقاط.

بالنظر إلى المتوسط الإجمالي للفئتين، نجد أن متوسط مستويات الثقة السائدة كان عند 3.34 من أصل 4، مما يعني أنه وقع بين "أثق إلى حد ما" و "أثق إلى حد كبير". من ناحية أخرى، بلغ متوسط مستويات الثقة الخاصة باداء المؤسسات العامة 2.20 نقطة من أصل 4، أي كانت بين "أثق إلى حد ما" و "لا أثق إلى حد ما". وفي حين أن متوسط الثقة الخاصة بالأداء كان أعلى إلى حد ما مما كان متوقعًا في البداية، إلا أنه لا يزال أقل من مستوى الثقة السائدة بمقدار 1.14 نقطة. علاوة على ذلك، لا ينبغي أن تقف هذه المستويات العالية من الثقة السائدة أو الانتماء في طريق المطالبة بأداء أفضل وأعلى جودة من المؤسسات العامة.
على الصعيد دون الإقليمي، بلغ متوسط ثقة شباب شمال إفريقيا السائدة 3.29، مقارنة بمتوسط 1.83 ثقة خاصة بالأداء. كما بلغ متوسط ثقة شباب غرب آسيا السائدة 3.29 بينما بلغ متوسط ثقة أدائهم الخاصة بالاداء 2.02، أعلى قليلاً من متوسط ثقة الشباب في شمال إفريقيا. وكان متوسط الثقة السائدة لدى شباب الخليج أعلى مستوى ثقة سائدة في المنطقة بلغ 3.45 بالإضافة إلى أعلى مستوى ثقة خاصة بالأداء بلغ 2.75.

منطقة شمال أفريقيا
وبالنظر بشكل أكثر تحديداً إلى المؤشرات الفردية لكل بلد، خصصنا القسم التالي لأعلى وأدنى مستويات الثقة لكل بلد، مقسمة حسب المناطق الفرعية. بالنسبة لشمال إفريقيا، كان الانتماء للوطن هو أعلى مؤشر لدى الشباب المصري فيما يتعلق بالثقة السائدة، حيث بلغ 3.80 نفطة، يليه مستوى الانتماء القومي لدى شباب ليبيا 3.72، والانتماء الوطني لشباب تونس 3.61. تبعه المغرب والجزائر بـ 3.54 و 3.46 نقطة على التوالي فيما يتعلق بالاعتزاز بالوطن. وكان أعلى مؤشر لدى الشباب الموريتاني هو 3.29 نقطة لصالح مستوى الثقة في الجيش. وأخيرًا، كان أعلى مؤشر للشباب السوداني هو 3.17 لمستوى الانتماء للوطن.
من ناحية أخرى، كان مستوى ثقة الشباب الجزائري في الانتخابات هو أدنى مؤشر وبلغ 0.90 نقطة. انعكس ذلك في انخفاض نسبة الإقبال على الانتخابات الأخيرة بالاضافة إلى دعوات لمقاطعة الانتخابات. وكان ثاني أدنى مؤشر من نصيب كل من الشباب المصري والموريتاني، حيث بلغ مستوى ثقة الشباب المصري في النقابات العمالية 0.92 نقطة، وهو نفس مستوى ثقة الشباب الموريتاني في خدمات الرعاية الصحية. كما لم يكن لدى الشباب المغربي ثقة كبيرة في الانتخابات والتي بلغ مستوى الثقة بها 1.19 نقطة، وكان أدنى مستوى ثقة للشباب التونسي هو 1.20 وكان من نصيب الأحزاب السياسية، وأظهر الشباب الليبي والسوداني خيبة أمل مماثلة من الانتخابات بمستويات ثقة بلغت 1.25 و 1.53 نقطة على التوالي. وعليه، فقد كان الانتماء للوطن والاعتزاز به من بين أعلى المؤشرات في هذه المنطقة، بينما كانت المؤشرات المنخفضة بالغالب من نصيب مؤسسات الديمقراطية مثل الانتخابات والنقابات العمالية والأحزاب السياسية.

منطقة غرب آسيا
أما في غرب آسيا، فقد كان أعلى مؤشر للشباب الأردني 3.85 نقطة للانتماء للوطن، يليه 3.69 و 3.6 للشباب اللبناني والإيراني، في نفس الفئة. كان أعلى مؤشر فردي للشباب الفلسطيني هو 3.58 نقطة لمستوى الاعتزاز بالوطن، يليه مستوى الانتماء للوطن لدى الشباب العراقي والذي بلغ 3.56 نقطة. وكان أعلى مؤشر فردي للشباب التركي هو 3.36 نقطة لمستوى الاعتزاز بالوطن، وكان أعلى مؤشر فردي في سوريا من نصيب الثقة في الجيش بمعدل بلغ 2.88 نقطة، على الرغم من أن البيانات المتعلقة بسوريا أقدم قليلاً من الدول الأخرى.
وكان أدنى معدل ثقة لدى الشباب السوري، بمستوى ثقة بلغ 0.93 نقطة في الخدمة المدنية، يليه مستوى الثقة 1.20 و 1.24 في الأحزاب السياسية لكل من الأردن والعراق، على التوالي. وكان أدنى مؤشر فردي للشباب الفلسطيني هو مستوى الثقة في الانتخابات بلغ 1.31 نقطة، بينما جاء أدنى مؤشر للشباب اللبناني على شكل ثقة بلغ 1.35 في خدمات الرعاية الصحية، التي أشار إليها الشباب الإيراني أيضًا باعتبارها الأدنى، بمستوى ثقة بلغ 1.84 نقطة. وكان أدنى مؤشر فردي للشباب التركي هو مستوى الثقة في النقابات العمالية بمعدل 2.27 نقطة. وعلى غرار منطقة شمال أفريقيا، كانت المؤشرات التي سجلت أعلى الدرجات هي مستويات الانتماء للوطن والاعتزاز به، في حين كانت أدنى المؤشرات من نصيب مؤسسات الديمقراطية ومؤسسات الخدمات العامة.

منطقة الخليج
وكانت المؤشرات الفردية لمنطقة الخليج أعلى من المتوسط من المنطقتين الأخريين. كان أعلى مؤشر فردي للشباب القطري هو 3.97 ومن نصيب الاعتزاز بالوطن، وهو أعلى مؤشر فردي في جميع البلدان. كما تباهى الشباب اليمني بمستوى عالٍ من الاعتزاز بالوطن بلغ 3.81 نقطة، يليه 3.76 و 3.64 مستوى الثقة في الجيش لدى الشباب السعودي والإماراتي. وكان أعلى مؤشر للشباب الكويتي هو 3.59 نقطة لمستوى الاعتزاز بالوطن، يليه 3.32 مستوى ثقة في الجيش للشباب العماني، وأخيراً 3.24 مستوى الاعتزاز بالوطن للشباب البحريني.
من ناحية أخرى، كان أدنى مؤشر للشباب اليمني هو مستوى الثقة في النقابات العمالية والذي بلغ 0.94 نقطة، وهو أيضًا أدنى مؤشر فردي لكل من الكويت والبحرين بمستويات ثقة بلغت 1 و 1.94 نقطة على التوالي. وجاء أدنى مؤشر منفرد للشباب العماني هو الثقة في النظام التعليمي 2.04. كان أدنى مؤشر للشباب السعودي هو مستوى الثقة في النقابات العمالية والذي بلغ 2.40 نقطة. أما بالنسبة للشباب الإماراتي، فإن أدنى مؤشر كان لا يزال مستوى عالياً نسبياً من الثقة (3.00) في النظام القضائي، حيث كان أدنى مؤشر للشباب القطري هو أيضاً مستوى عال من الثقة (3.18) في النظام التعليمي. باختصار، تم تقسيم أعلى المستويات في منطقة الخليج الفرعية بين الاعتزاز بالوطن والثقة في الجيش بينما كانت أدنى مؤشرات الدرجات هي النقابات العمالية، تليها الأنظمة التعليمية.

أبرز التحديات الراهنة
يُظهر التحليل الموجز أن الاعتزاز بالوطن والانتماء إليه كانا أعلى المؤشرات المنفردة التي سجلت درجات وأعلى بشكل ملحوظ من ثقة الشباب في المؤسسات العامة. وفي الواقع، كانت المؤسسات التي تلقت أدنى تقييم للأداء هي الخدمة المدنية والنقابات العمالية والانتخابات والأحزاب السياسية وخدمات الرعاية الصحية. ويتسق هذا التقييم الضعيف مع التحديات الرئيسية التي تواجه الشباب في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا. ومع استمرار جائحة فايروس كورونا، يمكن تجميع التحديات الثلاثة الرئيسية والمتكررة في إطار: (1) التحديات الاقتصادية، بما في ذلك البطالة، وارتفاع الأسعار، والفقر، وتدهور سبل العيش؛ (2) أداء الحكومة من حيث ضعف الخدمات العامة، بما في ذلك الصحة والتعليم والنقل، إلى جانب الفساد المالي والإداري؛ (3) التحديات المتصلة بالأمن، بما في ذلك السلامة والاستقرار السياسي. وكون هذه التحديات لا تزال قائمة ولا تزال ناقصة المعالجة يفسر تدني مستوى تقييم المؤسسات العامة في تحقيق أهدافها.

الخلاصات
وتبين الاستنتاجات الرئيسية لهذا التقرير الموجز أن الشباب في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا يفتخرون بمستويات عالية من الفخر بالدول التي ينتمون إليها. لكن ثقتهم في المؤسسات العامة في تلبية احتياجاتهم وتلبية أهدافها لا تزال منخفضة، وتحديداً، جاء معدل الثقة في المؤسسات العامة حوالي 1.14 نقطة من أصل 4، أقل من متوسط مستويات الثقة السائدة. في حين أن الفجوة واضحة، فإن الميل إلى التغاضي عن التحديات التي نواجهها أو التقليل من شأنها أو حرمانها من الأولويات أو حتى تجاهلها يظل اتجاهًا في المنطقة.
في محاولة لتفسير هذا التناقض، هناك ثلاث نظريات رئيسية في الأدبيات السياسية السائدة. تنص الأولى على أن القومية أو الاعتزاز بالوطن يتضاعف عندما تتم مقارنة الدول مع بعضها، مما يدفع مواطنيها للدفاع عن أوجه القصور في بلدانهم. النظرية الثانية تنطوي على أن الهوية الوطنية للشعب - وبالاعتزاز بالوطن - تتزايد عندما تواجه بلدانهم تحديات متعلقة بالأمن. وهذا يشبه النقاش حول "الأمن وحقوق الإنسان"، حيث يُعتقد أن حقوق الإنسان تتراجع إلى مكانة أقل أهمية عندما يكون الأمن هو الأولوية. وتشير النظرية الثالثة إلى أن الحكومات، في شكل ما أو آخر، زرعت فكرة أن انتقاد أداء الحكومة يعني تلقائيًا انتقاد البلاد، وبالتالي ينعكس سلبًا على انتماء المرء أو حبه لوطنه، بل ويعني حتى "الانشقاق".
